الثلاثاء، 11 فبراير 2014

شامخة كشموخ جبل الطور, صلبة متجذرة في الأعماق, كأشجار الزيتون والسنديان, باسقة كأشجار النخيل, رقيقة كرقة النسائم العليلة. شاعرة تحمل الهم بلا كلل, وتحمل الكل بلا ملل. ليست كبقية اترابها ممن تقرضن الشعر؛ اذ تسكب مهجتها وروحها فداء لثرى الوطن, والانسانية, والوحدة العربية ورص الصفوف. يتدفق شعرها مدويا عند المعاناة, وما أكثرها في حياة تلكم الشاعرة. تأثرت بشخصيات عربية وطنية بارزة, اضافة الى رموز محلية اخرى سبقتنا لدار الحق, و تكن لها كل احترام وتقدير. 
الادب الجاهلي, نثره وشعره, قد اسهم ايجابا في صقل موهبتها الشعرية مبكرا, فلا تنفك تذكر, وبكل زهو واعجاب, رونق وطلاوة القديم من الموروث الثقافي العربي, وعلى رأس ذلك كله, الشعر الجاهلي, وبالأخص المعلقات السبع. فهي تنظر الى معلقة امرئ القيس من وجهة نظر بلاغية صرفة, من حيث الصور البيانية, والسبك اللغوي المحكم والرائع, ناهيك عن جزالة اللفظ ودلالة المفردات.لا تغمط العصر الحديث حقه, فلم تستثن شاعرا واحدا ممن يشار اليه بالبنان, الا وقد قرأت له, وتأثرت – ولو بالنزر اليسير- بنتاجه. فحالما تتذكر أصحاب الفضل الاكبر على دفقها الشعري, يخطر في بالها الجانب الوطني والانساني من اشعار نزار قباني, الذي وصف فأجاد, وحث الهمم على الشعور بكينونيتها, والدفاع عنها دفاع المستميت. 
6/2/2014 سيشهد حدثا جللا, ومنعرجا رهيبا في حياة الشاعرة رانية حاتم. ستوقع ديوانها الشعري بعنوان " همسات وترية ", وهو يمثل الأمل والألم معا. سيصدر عن دار الجندي للطباعة والنشر في مدينة القدس. يحمل بين طياته بواكير الجهد, والاجتهاد في حياتها كأم وكانسانة في المجتمع, تعايش الحزن والفرح, وتشاطر الجميع معيشتهم اليومية, حلوها ومرها. 
فمنذ نعومة أظفارها, والوطن ثوان من جمرات في جسدها الغض. فقد اعتقلت لثلاث مرات متتالية, اولاها عندما كان سنها ( 14 ) والثانية ( 15 ) والثالثة ( 16 ). لم يثنها الاعتقال, ولا التنكيل عن حمل الهم الوطني والعروبي, ولم يزدها العنف الا عنفوانا واصرارا, فاتخذت من القلم رمحا مهندا للذود عن الحياض. 
مثقفة, واسعة الاطلاع, وعلى دراية تامة وكاملة, بما يدور حولها من تطورات محلية, اقليمية, وعالمية. تلقت دراستها الأولى في مدرسة الطور في أكناف بيت المقدس, ثم في الثانوية المأمونية, ولكن القدر لم يمنحها فرصة اتمام تعليمها الاكاديمي, فقررت, وبكل اصرار, على ان تكون لبنة صالحة في المجتمع. فالتحقت بكلية المستقبل, حيث درست الادارة الفندقية والسياحية, ثم انخرطت في دورات عدة لتنمية مهاراتها الشخصية والعملية, كدورات في علوم الحاسب الالي, والشبكة العنكبوتية, والعديد من الورش المهنية في حرم جامعة بيت لحم, اضافة الى دورات مكثفة في اللغتين الانجليزية والعبرية. وكنتيجة حتمية لهذا الجهد والنشاط, فقد تبوأت منصب نائبة ادارة في فندق جبل الزيتون. 
متواضعة, انسانة طيبة, حادة الذكاء. يعتبرها الأهل بمثابة ريحانة العائلة, التي يفيض اريجها ليعم السهول والهضاب والوهاد. من ناحيتها, فلا تنكر الشاعرة " رانية " فضل تشجيع الاهل لها- خاصة زوجها وأختها- للسير قدما في ميدان الادب والشعر, وبلورة وصقل شخصيتها الحياتية والشعرية. 
حصدت جوائز عدة اثر مشاركاتها الفاعلة في النشاطات والمسابقات الشعرية والفكرية, في مهرجانات محلية ذات صبغة وطنية كمثل " زفرات مقدسية " في جبل الزيتون, " ويوم الشهيد " في قصر الثقافة الفلسطيني, اضافة الى حفل مهيب في نادي سلوان, و" اليوم المفتوح لسيدات بيت المقدس ", اضافة الى اربعة لقاءات متلفزةعبر القناة الفضائية الفلسطينية. يطلق عليها البعض لقب " شاعرة الجبل ", والبعض الاخر " شاعرة الثورة " , ولكنها على الصعيد الشخصي, تعتز بلقب " الشاعرة المقدسية ". فجمهورها القارئ على موعد مع باكورة انتاجها في , فمباركة جهودها الطيبة, وان غدا لناظره لقريب.